قام بتطوير نموذج القيادة الموقفية كل من بول هيرسي وكنييث بلانشارد في أواخر الستينات في مركز دراسات القيادة The Center for Leadership Studies . وظلا العالمان يعملان معا حتى سنة 1982 وبعد ذلك عمل بلانشارد وزملاؤه في مركز بلانشارد للتدريب والتنمية (BIT)على ادخال تعديلات على النموذج الأصلي للقيادة الموقفية وعرفت المقاربة الجديدة باسم القيادة الموقفية II (SLII)التي وصفها كنيث بلانشارد بتفصيل في كتاب “مدير الدقيقة الواحدة”. وفي هذا المقال سنقتصرعلى عرض النموذج الذي يقترحه بول هيرسي ومركز دراسات القيادة.
المفاهيم الاساسية للقيادة الموقفية
حسب القيادة الموقفية لا يوجد اسلوب واحد احسن للتأثير على الناس. بل إن اسلوب القيادة -الذي ينبغي أن يستعمله الشخص مع افراد او مجموعات – يتوقف على مستوى استعداد الناس الذين يحاول القائد التأثير عليهم.ومن هنا يتضح ان القيادة الموقفية تقوم على مفهومين اساسيين هما: اسلوب القيادة واستعداد التابع.
أسلوب القيادة
يقترح نموذج القيادة الموقفية أربعة أساليب للقيادة حيث أن كل أسلوب يناسب مستوى معينا من استعداد الأتباع فما ذا يقصد بالأسلوب في هذا النموذج؟
تعريف الاسلوب
الأسلوب هو السلوك (كلمات، وأفعال) الثابت الذي يستعمله القائد للتأثير في الآخرين (التابعين)، ونظرة الأتباع وحكمهم على السلوك الثابت للقائد. ويتكون أسلوب القيادة ، حسب نظرية القيادة الموقفية، من بعدين أساسيين هما: سلوك المهمة وسلوك العلاقة.
سلوك المهمة: يقصد بسلوك المهمة مدى اهتمام القائد بإملاء واجبات ومسؤوليات الأتباع، وتحديد أدوارهم سواء كأفراد أو كجماعة، فمثلا الأستاذ الذي يهتم بسلوك المهمة هو الذي يقول للطلبة ما يفعلون وكيف يفعلونه، ومتى يفعلونه، وأين يفعلونه، ومن يفعله. بمعنى أنه يهتم بمساعدتهم على القيام بالمهمة الموكولة إليهم أو تحقيق الهدف.
سلوك العلاقة: يقصد بسلوك العلاقة مدى اهتمام القائد بربط علاقات شخصية بينه وبين الأتباع وذلك عن طريق التواصل معهم، وتوفير الدعم الاجتماعي والعاطفي لهم، وتسهيل أعمالهم.
وبناء على هذين البعدين أمكن التمييز بين أربعة أساليب للقيادة وهي:
فعلى أي أساس يختار القائد أسلوبه في القيادة؟ يتم اختيار أسلوب القيادة على أساس مستوى الاستعداد الذي يوجد عليه التابع حيث أن النموذج يميز بين أربعة مستويات من الاستعداد. فكيف يعرف الاستعداد في النموذج ؟ وما هي مكوناته ومستوياته؟
استعداد التابع
تعريف الاستعداد
يعرف الاستعداد في “القيادة الموقفية” بمدى قدرة ورغبة التابع للقيام بمهمة معينة. ويؤكد هيرسي على أن الاستعداد غير ثابت، وعليه فالتابع غالباً ما يكون في مستويات استعداد مختلفة وذلك حسب المهمة المطلوب منه القيام بها ويلاحظ من التعريف أن مفهوم الاستعداد يتكون من بعدين أساسيين هما: القدرة والرغبة. فما هو المقصود بكل منهما؟
القدرة : هي المعرفة والخبرة والمهارة التي يتوفر عليه الأتباع في القيام بمهمة ما فما معنى كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة المكونة للقدرة؟
المعرفة: يقصد بها الفهم الذي يظهره التابع للقيام بمهمة ما.
الخبرة : هي ما يظهره التابع من القدرة المكتسبة من إنجاز مهمة معينة.
المهارة : هي الإتقان الذي يظهره التابع في القيام بالمهمة .
الرغبة : تعرف الرغبة بمدى توفر المرء على الثقة والدافعية والالتزام للقيام بمهمة معينة. فما هو المعنى الذي يحمله كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة للرغبة؟
الثقة: ويقصد بها الاطمئنان الذي يظهره التابع في قدرته على القيام بمهمة ما.
الدافعية : ويقصد بها الإرادة والحماس والاهتمام التي يظهرها التابع للقيام بالمهمة بشكل جيد.
أما الالتزام فهو الواجب الذي يظهره التابع للقيام بمهمة، فهو مزيج من الثقة والدافعية.
وبناء على عنصري القدرة والرغبة تم التمييز في نموذج القيادة الموقفية بين أربعة مستويات من استعداد الأتباع.
مستويات الاستعداد
يلاحظ أن متصل استعداد الأتباع قد قسم إلى أربعة مستويات يمثل كل منها تركيبة مختلفة لقدرة ورغبة الأتباع أو ثقتهم . وفي كل مستوى توجد تركيبتين مختلفتين.
في المستوى الأول للاستعداد يكون التابع غير قادر وغير راغب. بمعنى أنه لا يتوفر على المعرفة والخبرة والمهارة اللازمة للقيام بالمهمة المطلوبة منه ، وينقصه الالتزام والدافعية والثقة في القيام بالمهمة .
في المستوى الثاني للاستعداد يكون التابع إما غير قادر على القيام بالمهمة لأنه لا يتوفر على المعرفة والخبرة المهارة، ولكنه يتوفر على الرغبة لأنه متحفز وله ثقة في قدرته على القيام بالمهمة.
أما في المستوى الثالث للاستعداد فيكون التابع غير قادر على القيام بالمهمة لكنه خائف أو ليست له رغبة في استعمال قدرته.
وفي المستوى الرابع للاستعداد يتميز التابع بتوفره على كل من القدرة على القيام بالمهمة والرغبة في القيام بها. أي انه يتوفر على المعرفة والخبرة والمهارة للقيام بالمهمة المطلوبة منه، ومتحفز وملتزم وواثق من قدرته على القيام بها. ويوضح الشكل ادناه مستويات استعداد التابع.
ويوضح الشكل التالي العلاقة بين مستويات استعداد التابع و سلوك القائد (أسلوب القيادة)
يتضح من الشكل أعلاه وجود تطابق بين مستوى استعداد التابع (أو الأتباع) للقيام بمهمة أو تحقيق هدف وأسلوب القيادة المناسب لذلك المستوى من الاستعداد. فأسلوب التوجيه (القول) يناسب مستوى الاستعداد المنخفض، بينما أسلوب التفويض يناسب مستوى الاستعداد المرتفع، في حين أن أسلوب الإقناع (الشرح) والمشاركة فيناسبان مستوى الاستعداد المتوسط. حيث يستعمل أسلوب الإقناع مع الأتباع الذين لهم مستوى استعداد منخفض/متوسط، أما أسلوب التشارك فيستعمل مع الأتباع الذين لهم مستوى استعداد متوسط/ مرتفع .
فنموذج القيادة الموقفية الذي قدمه هيرسي – بلانشارد يتميز بالمرونة . فالقائد غير ملزم باستعمال أسلوب واحد ووحيد بالنسبة لكل مستوى من المستويات الأربعة للاستعداد، بل يجب أن يكون مرنا ويستعمل أسلوبا آخر (من الأساليب الأخرى المقترحة) وذلك حسب الظروف والمواقف التي يوجد فيها. لكن الشيء المهم الذي يجب التأكيد عليه هو أنه لا ينبغي أن يستعمل أسلوب التفويض مع الأتباع الذين لهم مستوى منخفض من الاستعداد ، كما لا ينبغي استعمال أسلوب التوجيه مع الأتباع الذين لهم مستوى استعداد مرتفع. ففي كلا الحالتين تكون النتيجة واحدة وهي تذمر العاملين وعدم رضاهم، وذلك للتنافر الحاصل بين أسلوب القيادة ومستوى استعداد الأتباع.
Discutez avec nous